المشهد الشعري في عمان: آراء وتطلعات (3)


 أميل للقول بأنّ الشعر يبقى شعراً بغض النظر عن الجغرافيات والانتماءات الضيقة، دون أن يكون هنالك أدنى تعسف يتعلق بالارتباط النسغيّ العميق بالمكان الخاص، أو الوطن، أو القرية والمدينة التي يولد أو يحيا أو يتصل بهما الشاعر، وبهذا يمكن أن نقول شاعر من مصر أو العراق أو عُمان، وليس كما هو شائع في الصحافة الأدبية شاعر مصري أو عراقي أو عُماني
كثيراً ما كان كازنتزاكيس يتحدث عن أرواح الأسلاف التي تحمحم في دواخل أبناء وأحفاد الإغريق، وبالنسبة لنا، دون شكّ، فإن المكان العمانيّ ولاد شعري بكل ما يتصل به من إمكانات روحية ومادية، طبيعية ورؤيوية، ولأنّ الشعر هو ابن المفارقة والدهشة والصدمة والتأملات الحالمة فإن عُمان خصبة في تأثير كل تلك العناصر على كتابة الشعر وعلى ظهور أصوات شعرية مختلفة
فيما يتعلق بكتّاب الشعر في عُمان، فإن الساحة الثقافية قد شهدت تنامياً مضطرداً في الإفصاح عن حساسيات شعرية متعددة، وانبثاق تجارب تحمل معها أسئلتها الخاصة وحمولاتها الشخصية دون أن تتورط في الاستنساخ أو التكرار أو الاجترار لمجموعات أو تجارب شعرية أخرى. هذا لا يعني أنه لا يوجد ثمة مجترون أو نسّاخون لعدد من الأصوات الشعرية العربية خصوصاً محمد الماغوط أو محمود درويش، ولا سبيل إلى الفكاك من ذلك إلا بمراجعة الشاعر لتجربته الذاتية، أو باشتغالات نقدية يضطلع بها نقاد وقراء متخصصون
يسرني كثيراً أن العديد من الشعراء في عمان قد طبعوا أعمالهم الشعرية، وأن أصواتاً شعرية جديدة تظهر بين الحين والآخر، وأنه توجد حركة نشر نشطة للكتب والمجموعات عموماً، غير أنه لم يواكب ذلك حركة نقدية بارزة أو ظاهرة للعيان، ما عدا بعض الأصوات النادرة، التي يخرج معظمها من معاطف شهادات الماجستير والدكتوراة
صالح العامري 
كاتب وإعلامي عماني




نشرت في صفحات المرصد الثقافي عبر وسائل التواصل الإجتماعي بتاريخ 26 يوليو 2017

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في إدارة الكوارث

الجامعة والعدالة الاجتماعية: صراعات حول العالم

زمزم البلوشي .. فنانة عمانية برزت موهبتها في الغناء الشعبي