دور الإعلام في إدارة الكوارث

على أعقاب المعاناة التي سببتها الكوارث الطبيبعة والكوارث التي سببها الإنسان في العقدين الأخيرين، بدأ العالم المعاصر بإيجاد طريقة لتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات إلى أقصى حدٍ ممكن من خلال الاتصال الفعال باستخدام أنظمة التكنولوجيا.

يرى خبراء وعلماء الاجتماع بأنه يمكن الحد من المعاناة البشرية الناجمة عن الآثار الكبيرة للكوارث من خلال نظام معين من التعاون الدولي المكرس. يتمحور هذا التعاون حول الإعلام والتوعية وأنظمة الإنذار المطورة، والتأهب من الكوارث للتخفيف من حدتها. حيث إن الإتصال هو أهم وسيلة لتحقيق هذه الإجراءات لضمان تحسين السلامة العامة وتقليل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

هناك تحول جذري في النهج المتبع في إدارة الكوارث في السنوات الأخيرة المنصرمة، حيث يتم الاستعداد لهذه المخاطر والتخطيط لها مسبقًا بدلًا من انتظارها ومعالجة آثارها والخسائر الفادحة، وقد تطور هذا النهج الوقائي بعد الإدراك التام بأن الإغاثة بعد الكارثة تظل غير فعالة ما لم يتم اتخاذ أية تدابير قبل وقوعها.

يمكن القول بأن التأهب هو في الواقع أهم مرحلة في إدارة الآثار التي تحدث بعد الكارثة. وقد أثبت الاتصال الفعال في التاريخ الحديث أنه أمر بالغ الأهمية للتخفيف من حدة الكوارث، ليس فقط في إدارة البيانات وتقنيات التحليل وإنما أيضًا زاد من معرفتنا بأصول المخاطر وسلوكياتها. وقد ساعد ظهور وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة على توعية الناس بأكثر الطرق فاعلية من خلال التغطية المباشرة للمخاطر والتحذير منها والإبلاغ الفوري عنها.

ولفهم الأهمية التي تمثلها الاتصالات الإعلامية، أنشأت العديد من المنظمات الإنسانية أيضًا إدارات إتصال مسؤولة عن الاتصالات الداخلية والخارجية ومسؤولة عن العلاقات الإعلامية، ووفقًا لتقنيات الاتصال الجديدة لإدارة الكوارث، يُعزى نجاح الجهود الإنسانية إلى حد كبير إلى فهم المنظمات لوسائل الإعلام والعلاقة القائمة بينهما.

وتعتمد الأنشطة القائمة على التخفيف من حدة المخاطر قبل وبعد الكارثة على وسائل الإعلام المختلفة حيث تركز هذه الوسائل على خلق وعي عام حول المخاطر وطريقة الاستجابة لها، حيث يمكن استخدام وسائل التواصل المتقدمة للإنذار المبكر وتنفيذ خطط الإخلاء كما تساعد أيضًا على تنفيذ الإجراءات التي تلي الكارثة.

وتلعب وسائل الإعلام المختلفة دورًا فعالًا في تغيير العقلية المجتعية لتجعل المجتمع يتحرك بشكل يسبق الكارثة بدلًا من انتظارها والتفكير في ردة الفعل المناسبة، كما أن وسائل الإعلام بمختلف أشكالها مسؤولة عن مصداقية الرسائل التي توجهها للمجتمع بشكل عام وقيمتها، لأن الأخبار العشوائية والمثيرة قد تولد الخوف والفوضى مما يزيد من الخسائر التي قد تنتج عن الكارثة.


في العقد الماضي، حدث تطور ملحوظ في القنوات الإعلامية في المنطقة، حيث إن الإعلام الإلكتروني له مداه من الجماهير ليصبح حاضرًا في كل ركن وزاوية في البلاد كما أنه يلعب دورًا كبيرًا في صناعة الرأي العام. تتمثل أحد أهم المساهمات الرئيسة التي تقدمها وسائل الإعلام الإلكترونية في إنشاء أنظمة للإنذار المبكر في المناطق البعيدة والمعرضة للكوارث الطبيعية، أيضًا الراديو له أهميته في إيصال الإنذار المبكر والتحذيرات بالمخاطر في المناطق النائية. كل ذلك يساهم في خلق مجتمع واعٍ ومثقف وأكثر قوة وتأهب للكوارث للتخفيف من حدتها.

يمكننا أن نأخذ اليابان كمثال، حيث وقفت الأمة متحدة لمواجهة التدمير الناتج عن الزلازل التي تحدث بشكل مستمر، حيث تنتج وتبث على وسائل الإعلام المختلفة برامج توعوية وتدريبية باستمرار عن طرق مواجهة الزلازل.

تلعب وسائل الإعلام دورًا حيويًا في الترويج لنظام أفضل في إدارة الكوارث داخل الدولة، وهنا لا يمكن أن نهمل دور وسائل الإعلام المطبوعة حيث لوحظ أن الجماهير تثق في الرسائل المكتوبة أكثر لذلك يتعامل معها بجدية أكبر.

هناك جانب آخر يتم تجاهله كثيرًا في الإجراءات التي تسبق الكارثة والتي تلي الكارثة وهو الافتقار إلى التواصل والتنسيق بين المنظمات الإنسانية وشركاء التنمية ومؤسسات الدولة، مما يؤدي إلى ازدواجية الجهود إلى جانب انعدام فاعلية الإجراءات على أرض الواقع لا سيما في المجالات الحساسة، لذلك فإن تحسين الاتصال بين مختلف المنظمات أمر لا بد منه قبل الكارثة. ويتم ذلك من خلال تحديد المؤسسات والشخوص المعنية بالإجراءات المحددة والتنسيق بينها للتخفيف من حدة الكارثة.

وعلى الرغم من أن المجموعات والقنوات الإعلامية الخاصة لها مصالحها التجارية إلا أنها يجب أن تعمل بأبعاد أخلاقية ومعنوية في حالة وقوع الكوارث والتحذير منها. وهذا هو أحد المجالات التي يجب أن تكون فيه وسائل الإعلام أكثر مسؤولية في نشر المعلومات، حيث عليها أن تكسب ثقة الناس وتوفر المعلومات الموثوقة بما يخدم الغرض منها، وليست مهمتها فقط  توفير المعلومة الصحية والرسالة الصحيحة في الوقت المناسب، وإنما من مهامها أيضًا خلق بيئة من التضامن والإيمان مما يزيد المسؤولية الجماعية لكل شرائح المجتمع لمواجهة أي تحديات تترتب على الكوارث الطبيعية.

 

ترجمة: فاخرة يحيى

المصدر: https://urbangateway.org/content/news/role-media-disaster-management


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجامعة والعدالة الاجتماعية: صراعات حول العالم

زمزم البلوشي .. فنانة عمانية برزت موهبتها في الغناء الشعبي